وارسو، بولنداأُسدل الستار مساء أمس الثلاثاء على
منافسات الدور الأوّل في بطولة أمم أوروبا 2012، التي تستضيفها بولندا
وأوكرانيا معاً حتى الأوّل من تموز/يوليو المقبل بتأهّل منتخبات جمهورية
التشيك واليونان وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا وإنكلترا وفرنسا إلى
الدور رُبع النهائي، في حين ودّعت ثمانية منتخبات المسابقة وعلى رأسها
هولندا التي خيّبت الآمال بأدائها وخرجت من الباب الضيّق، وروسيا التي دفعت
ثمن فعاليتها وثقتها الزائدة، أما السويد فغادرت مرفوعة الرأس لأدائها
القوي فيما فشل البلدان المنظّمان في مواصلة المشوار.
ولا يختلف اثنان على المستوى الفني العالي
للمنتخبات في الدور الأوّل من النسخة الرابعة عشرة لكأس أوروبا، والذي كان
على قدر التوقّعات، إذ بلغت الإثارة ذروتها في المباريات، التي لم تنته أي
منها بتعادل سلبي، حيث بلغ معدّل الأهداف 2.5 هدف (60 هدفاً في 24 مباراة)
في المباراة الواحدة نتيجة اعتماد المدرّبين على النهج الهجومي واللعب
المفتوح وهو ما ميّز البطولة حتى الآن.
في المقابل، أفسد بعض المشجعين الأجواء
الجميلة التي سادت البطولة منذ انطلاقها بإقدام مثيري شغب بولنديين وروس
على إثارة الفوضى والاعتداء على بعضهم البعض وعلى الشرطة قبل مباراة
منتخبيهما في الجولة الثانية، فيما عمد مشجعون كرواتيون في مباراة بلادهم
أمام إيطاليا في الجولة الثانية أيضاً إلى التطاول على مهاجم إيطاليا ماريو
بالوتيلّي بالتوجه إليه بإهانات عنصرية بالإضافة لإقدامهم على إشعال ورمي
المفرقعات النارية على الملعب، مما استدعى الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا)
للتدخّل وفرض غرامات مالية على الاتحادين الروسي والكرواتي، فيما عبّر
الفرنس ميشال بلاتيني رئيس اليويفا عن استيائه من عنصرية الكرواتيين، لكنه
أثنى على التنظيم الجيد معتبراً أن بولندا وأوكرانيا فازتا بالفعل معتبراً
أن البطولة ناجحة جداً.
وفي السطور التالية نسلّط الضوء على أبرز أحداث الدور الأوّل:
اليونان تحلم مجدّداًافتتح المنتخبان البولندي واليوناني
النسخة الرابعة عشرة من كأس أمم أوروبا بمباراة مثيرة احتضنها ملعب وارسو
الوطني الجاري، حيث ظهر أصحاب الضيافة بصورة طيّبة في الشوط الأوّل
وافتتحوا التسجيل عبر نجمهم روبيرت ليفاندوفسكي قبل أن تعادل اليونان
وتنتهي المباراة بنقطة لكلٍّ منهما، في حين ضربت روسيا بقوّة أمام تشيكيا
في اللقاء الثاني واكتسحت جمهورية التشيك (4-1) موجّهة رسالة شديدة اللهجة
إلى بقية منتخبات المجموعة الأولى.
في الجولة الثانية نجح المنتخب البولندي
في "فرملة" نظيره الروسي وخطف التعادل منه (1-1) في حين أسقطت جمهورية
التشيك اليونان (2-1) ليتأجّل الحسم للجولة الأخيرة مع أفضلية للروس الذين
احتاجوا للتعادل فقط مع اليونان للعبور.
سيناريو مباراتي الجولة الأخيرة جاء
دراماتيكاً بامتياز، إذ تمكّن المخضرم جيورجيوس كاراغونيس من قيادة اليونان
للفوز على روسيا بهدف وحيد سجّله هو، في حين فازت جمهورية التشيك على
بولندا بنفس النتيجة وتصدّرت المجموعة برصيد 6 نقاط فيما تعادلت اليونان
وروسيا نقاطاً، وظفر المنتخب الإغريقي بتذكرة رُبع النهائي بفضل قاعدة
"المواجهة المباشرة"، ليبدأ الحلم يرواد اليونانيين على تكرار إنجاز بطولة
2004.
ولا شك في أن خروج المنتخب الروسي من
الدور الأوّل سيبقى عالقاً في الأذهان، لأن فريق المدرّب الهولندي ديك
أدفوكات افتقد للفاعلية،إذ لم يعرف طوال 90 دقيقة كيف يستثمر استحواذه على
الكرة، ولم ينجح في ترجمة 25 تسديدة على المرمى اليوناني إلى أهداف!.
الصدمة الهولنديةأولى مفاجآت البطولة المدوّية أبصرت النور
في المجموعة الثانية، حيث صعقت الدنمارك هولندا وتغلّبت عليها بهدف نظيف
أربك حسابات الطواحين، التي عجزت عن الدوران بعد ذلك وسقطت أمام كلٍّ من
ألمانيا والبرتغال بنفس النتيجة (1-2).
ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقّع انهيار
وصيفة بطلة العالم بهذا السيناريو، إذ عاد فريق المدرّب بيرت فان مارفيك،
والذي دخل البطولة بثوب المرشّح يجر ذيول الخيبة وراءه بعد أن كان يُمنّي
النفس بتحقيق نتيجة إيجابية أمام البرتغال، لكن رغم البداية القوية وافتتاح
رافاييل فان دير فارت التسجيل بتسديدة جميلة، عاد الفريق أدراجه وفتح
أبوابه أمام الغزوات البرتغالية التي لم ترحم حارسه مارتن ستيكلنبرغ، الذي
انحنى مرّتين أمام كريستيانو رونالدو لتودِّع الطواحين البطولة للمرّة
الأولى من الدور الأوّل منذ نسخة 1980.
وبكت هولندا خروج منتخبها، الذي ضمّ كوكبة
من النجوم مثل ويسلي سنايدر واريين روبن ورافاييل فان دير فارت ويان كلاس
هنتلار وروبن فان بيرسي ومارك فان بوميل الذين أسدلوا الستار على التصفيات
المؤهّلة إلى البطولة كأقوى هجوم في أوروبا بتسجيلهم 37 هدفاً.
في المقابل، ورغم قلق الألمان على مستوى
الفريق الذي لم يبلِ حسناً في المباريات الاستعدادية قبل أيام من بداية
البطولة، أثبتت الماكينات قدرتها على العمل في جميع المناخات والظروف ونالت
العلامة الكاملة بتحقيقها ثلاثة انتصارات، استهلتها أمام البرتغال (1-صفر)
من دون أن تقنع قبل أن تعرض عضلاتها أمام هولندا وتهزمها (2-1) وتضرب
موعداً مع اليونان في رُبع النهائي بفوزها في الجولة الأخيرة على الدنمارك
(2-1).
أما البرتغال، التي قدمت مستوى طيباً أمام
ألمانيا رغم خسارتها في الجولة الأولى، فعرفت كيف تشقّ طريقها إلى رُبع
النهائي بفضل فوزها الصعب على الدنمارك (3-2) وتألّق نجمها رونالدو في
المباراة أمام هولندا واحتلت المركز الثاني برصيد ست نقاط.
تأهّل كلاسيكي لإيطالياوفي المجموعة الثالثة، انتظر المنتخبان
الإسباني بطل العالم وحامل اللقب، وإيطاليا حتى الجولة الأخيرة ليؤكّدا
استمرارهما في البطولة، إذ تعادل الفريقان في افتتاح المنافسات بهدف لمثله
في واحدة من أجمل المباريات الدولية في السنوات الأخيرة، حيث قدّم الطرفان
"سيمفونية كروية" صفّقت لها الجماهير طويلاً.
في الجولة الثانية استعاد الإسبان رباطة
جأشهم وأمطروا المرمى الأيرلندي برباعية نظيفة أنهت آماله في المسابقة، في
حين واصل الإيطاليون عروضهم الجميلة وتقدّموا على كرواتيا بهدف في الشوط
الأوّل قبل أن يتراجع أداؤهم في الثاني ويتكبّدوا هدفاً تاركين إسبانيا في
صدارة المجموعة بفارق الأهداف عن كرواتيا، التي كانت فازت في الجولة الأولى
على أيرلندا (3-1).
حبس الإسبان والإيطاليون والكروات أنفاسهم
استعداداً للجولة الأخيرة، وخصوصاً رجال المدرّب تشيزاري برانديلّي، الذين
خافوا من تكرار "مؤامرة 2004" عندما خرجت إيطاليا من الدور الأوّل للبطولة
بتعادل الدنمارك والسويد (2-2) لأنه في حال انتهت مباراة إسبانيا وكرواتيا
بنفس النتيجة فلن يساعد الفوز إيطاليا على التأهّل، لكن المؤامرة لم تحصل،
لأن إسبانيا انتصرت بهدف يتيم على كرواتيا وأطاحت بها، في حين تخلّصت
إيطاليا من الحلقة الأضعف أيرلندا وهزمتها بهدف لكاسانو وآخر جميل جدّاً
لبالوتيلّي مؤكّدة وصافتها لإسبانيا.
السويد مرفوعة الرأسمن دون مفاجآت نجح المنتخبان الإنكليزي
والفرنسي اللذان تعادلا بهدف لمثله في افتتاح مباريات المجموعة في بلوغ
رُبع النهائي، بعد أن فازت فرنسا في الجولة في الثانية على أوكرانيا
(2-صفر) قبل أن تخسر أمام السويد (صفر-2) في حين تخلّصت إنكلترا بصعوبة من
السويد العنيدة (3-2) بعد مباراة مثيرة جدّاً ثم أطاحت بأوكرانيا خارج
المسابقة في الجولة الثالثة بفوزها عليها بهدف نظيف جاء بتوقيع نجمها
العائد واين روني، علماً بأن الحكم لم يحتسب هدفاً صحيحاً للأوكراني ماركو
ديفيتش بعد أن تجاوزت كرته خط المرمى وأبعدها جون تييري، لتتصدّر إنكلترا
الترتيب برصيد 6 نقاط أمام فرنسا (4 نقاط) ثم السويد (3 نقاط) وأوكرانيا (3
نقاط).
ورفع عشاق المستديرة القبّعة للمنتخب
السويدي، الذي قرّر الخروج من البطولة مرفوع الرأس، ونجح في مسعاه بفوزه
على فرنسا (2-صفر) بفضل هدف استعراضي لقائد الفريق زلاتان ابراهيموفيتش
وآخر لسيباستيان لارسن رفعا بهما رصيد السويد إلى خمسة أهداف مثل إنكلترا
المتصدّرة، أما خسارة فرنسا فكانت الأولى منذ 23 مباراة.
وفي رُبع النهائي ستتواجه جمهورية التشيك مع البرتغال واليونان مع ألمانيا وإسبانيا مع فرنسا وإيطاليا مع إنكلترا